.................................................................................................
قصة من ..... يرويها أهل الفن
فيلم ( البوسطجى ) ......... رسائل ضلت طريقها
حينما يجتمع كاتب عبقرى مثل ( يحيى حقى ) ومخرج الواقعية حسين كمال والبطل ( شكرى سرحان .. صلاح منتصر ) تهتز جدران الحدث
.
أفلام كتبت لنفسها الخلود . ونخرت فى قاع المجتمع لتغير ثقافاته ...
فيلم البوسطجى من أعظم أفلام السينما المصرية
ترتيبه الثانى عشر من المائة خالدة الذكر .. فيلم من زمن خارج الزمن
...............................................................................................
1 -تدور أحداث الفيلم حول وقائع يغرق فيها الشعب المصرى منذ الأزل غير مدرك بعواقبها
حول ( موظف البريد ) شكرى سرحان (عباس ) الذى تم نقله من المدينة بأضوائها وصخبها إلى قرية من قرى صعيد مصر فى أسيوط تعج بالتخلف والأمية والجهل فصار ناقما على القرية وأهلها كارها لهم فبادلوه نفس الشعور واعتزلوه كما اعتزلهم
فما كان منه إلا أن يتجسس عليهم ويفتح خطاباتهم المرسلة اليهم يقرأها ثم يغلقها ويرسلها لهم ... لاحظ عباس كثرة الخطابات التى ترسل ( للدلالة ) فأخذه الفضول لمعرفة ما فى الخطابات فيعرف أن الخطاب لبنت من القرية تحب شابا فسلمت له نفسها وحملت وكان الشاب قد تقدم لخطبتها فرفض أبوها (صلاح منصور ) أو( المعلم سلامة )
..كانت الفتاه تستغيث بحبيبها لينقذها من قضاء محتوم إذا اكتشف أمرها ... وبعد أيام يأتي الجواب المنتظر وبه خبر انتقال الشاب للعمل بالإسكندرية ... وبه عنوانه الجديد الذي يطلب من فتاته أن تلحقه ليتزوجها ...
يا فرج الله لكن بينما الخطاب خارج مظروفه يدخل عليه مساعده الغبي الكسول الذي يستفزه دوماً بتصرفاته ( وهو الرائع حسن مصطفى )... ليعود عباس لمكتبه غاضبا منفعلاً و يختم الجواب ولكن ليس علي المظروف الخارجي ... وإنما علي الخطاب نفسه ...
فخاف ان يرسله فيُكتشف امره وتعاقبة القرية الكارهة له اصلا .... فمزقه معتقدا ان حبيبها حتما سيرسل لها خطاب اخر
ولكنه تأخر وكانت ( الدلالة ) مرسال الفتاه تأتيه كل يوم تسأله عن خطابات وفجأة إنقطعت ..... وأخيرا وعلى غير المتوقع يصل الخطاب الثانى للفتاه ليخبرها بمكانه لتلحق به فيفرح عباس (شكرى سرحان ) بالرد ولكن المرسال (الدلالة )انقطعت عن المجئ للبوسطة فقرر ان ينزل بنفسه ليوصل الخطاب فيمر علي أهل القرية الواقفين والكل لا يتحرك ولا يعيره أي انتباه ..... إلي أن يسمع صرخة ألم مدوية من بعيد يتردد صداها بين الجبال الغليظة الجرداء ....ويري الناس تتجمع لتجري تجاه الصوت فيجري معهم . ومن بعيد تأتيه صراخ أم مقهورة....."جميلة"... ليظهر له مشهد رجلٍ مكلوم يحمل ابنته القتيلة بين ذراعيه ويمشي بها وسط الناس وعلي وجهه علامات الانتصار والانكسار معاً بعد أن طعنها بالسكين في فإذا به أمام الفتاة التي عاش قصتها واستهان بمأساتها حتى تسبب بإهماله ورعونته في مصيرها الأليم ....وها هو يراها لأول وآخر مرة... قتيلة
2 - صلاح منصور (المعلم سلامة ) والد الفتاه مثال متكرر( للإزدواجية الذكورية ) في أحَّط صورها يستحل عرض الخادمة ويغتصبها . فيسقيه الله من نفس الكاس فى ابنته .. وحينما يعرف ينتقم لشرفه بقتل ابنته الخاطئة
....مشهد المطاردة الختامي بين الأب وابنته من أروع المشاهد السينمائية علي الإطلاق تمسك أنفاسك معه حتي وأنت تشاهد الفيلم والموسيقي تشعرك أنك تجري وتلهث هرباً بحياتك بنفس رعب جميلة وتتعجب من ملامح وجه (سلامة ) ونظرة عينه التي اجتمع فيها الحنان والندم والكبرياء والأسي في آنٍ واحد
3- ناهد سمير ( أم جميلة ) : هي هُنا أم جميلة زوجة المعلم سلامة الزوجة الضعيفة قليلة الحيلة مع زوج سلب حتى عبوديتها وأفنى شخصيتها وقتل أدميتها حين تلتفت فجأة وهي في المطبخ لتري زوجها يغافلها ليصعد خلف الخادمة إلي برج الحمام فإذا بوجهها تعلوه كل ملامح مع كم هائل من الحقد والغيرة
فقررت أن تدمر المنطقة الرخوة فى جرحها تنتقم من خادمة مثلها مسلوبة الارادة وضعيفة ( لأنها بالطبع لا تستطيع أن تواجه زوجها بفعلته) فتستدعي إخوتها ليأخذوها وهي تعلم مصيرها المحتوم ... وهنا يملأ وجهها التشفي والشماتة
فيسقيها القدر من نفس الكاس حين يضع ابنتها في نفس موقف الخادمة المسكينة لتلقي نفس المصير
.................................................................................................
فن شكل ذاكرة الأمة ...فن ارتقى وترقى بالعقول