تبدوا لي مصر امرأة عجوز تكاثر من حولها أحفادها وهى فرحة بهم
رغم عقوق البعض منهم هذا الصرح الشامخ الذي يود الكل هدمه وهى ثابتة شامخة أمام العدو
فكسرها أولادها وأحفادها يروى الأديب الكبير نجيب محفوظ عن ( الجبلاوى )
في سلسة رواياته وهى شخصية جبارة قادرة عن
فعل أي شئ وملمة بكل شئ ومرعبة في كل شئ ولكن هذه الشخصية مُر ما تعانيه هو عقوق
أبناءها و من جحود أولادها وأحفادها وهى
شخصية لا تملك كاريزما مؤثرة ولكن تملك هيبة مجردة من العاطفة مع العاق والمتمرد
من أبنائه وجبروت مجرد من الرحمة مع من أخطأ هذا الرمز الذي لا يُفهم ولا يُقهر حير النقاد
محاولين الغوص في بطون المعاني لنجيب محفوظ مما جنح بهم إلى تجريم روايته بحجة أن هذا رمزية للذات
العلية لأن هذه الملكات لا تتوفر لكائن
بشرى ولم يدر في خلد احد أن الرجل ربما كان يقصد شئ آخر وربما هذه الشخصية الجبارة
تكون مصر بتاريخها وعظمتها وسيادتها التي تعاقب عليها الغزاة وتربع على صدرها المحتل
ولم يكسرها ولكن كسرها أولادها ومن ابرز وأطول
محتل جاث خلالها الديار هو احتلال الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا
العظمى ) والتي على مدار احتلالها لمصر عجزت عن تغيير سلوكيات شعبها أو استئناسه أو
مجاراته ورحلت وهى عاجزة عن تعميق الثقافة
البريطانية في شعب احتلته عشرات السنين كما فعل الاحتلال الفرنسي في بلاد المغرب العربي
وإفريقيا التي تحولت فيه اللغة الفرنسية لغة شبه رسمية ناهيك عن الجذور الضاربة للثقافة
الفرنسية في تلك البلاد ولكن يأتي انكسار الجبلاوى ( مصر ) من أبناءه أثناء حقبة مبارك وحكمة والذي حول وبقدرة قادر
كل من حوله الى لصوص ومختلسين تحت مرئي ومسمع منه بل كان سلوكهم دافعا من ممارساته
هو وأسرته في هذا المجال وسرعان ما تتحول
بريطانيا من محتل قديم إلى بقعة تأوي من خرب ودمر مقومات وطن عجزت عن تغير سلوك أبنائه
بالاحتلال ونكتشف نحن المبهورين
بالديمقراطية الغربية وعلى رأسها بريطانيا أن هناك من مصطلحات الديمقراطية ما لا
نفهمه ليتفرغ المسئولين في العقد الأخير من حكم مبارك في تفريغ مصر من محتواها
ومضمونها الاقتصادي والمالي وتحول ثروات مصر وخيراتها بطريقة منظمة ومبهرة إلى
خارج البلاد ومنهم بريطانيا التي تتستر على تلك الأموال وتتحفظ على ناهبيها بل
وتتولى حمايتهم لتتكاتف الإرادة الداخلية المصرية مع إرادة من يديرون تلك الإمبراطورية
في عدم عودة تلك الأموال وسرعان ما تنشر بريطانيا قائمة بتسعة عشر شخصية مصرية تم
التحفظ على أموالهم وان هناك من أبطال الرموز السابق من هم مقيمين على أرضها لتتحول
الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس الى إمبراطورية مأوى اللصوص والمنحرفين وربما
ليس هذا هو المحير فى الأمر ولكن المحير حقا هو تلك الإرادة الداخلية الراغبة في
غلق ملفات الفساد وذلك الإصرار العجيب على عدم استرجاع تلك الأموال والتي ابرزوا
تفاصيلها للشعب وكأن هؤلاء المارقين عن طاعة الوطن ما هم إلا رعايا بريطانيين جاءوا ونهبوا وذهبوا إلى
وطنهم الأم وليسوا أركان نظام وأبناء وطن( أسمه مصر ) تربوا وعاشوا على أرضها دون ولاء لها ودون اعتراف بآدمية شعبها وهى تلك
المفارقة ليس القيمة فيما تم نهبه وتحويله للخارج ومن بينها بريطانيا ولكن القيمة في
أشخاص عاشوا وتربوا وحكموا وطن كمصر بلا ولاء ولا انتماء المعضلة في بلد كمصر بتاريخها وعظمتها أن يساء إلى
سمعتها دون عقاب وان يقال أن حكامها لصوص آو إلى الطامع القديم لثرواتها الذي عجز على نهبها وهو محتل لها فإذا بأبنائها
يقدموا له خزائنها وأسرارها وأموالها وهى
جريحة في عرينها لا زالت محتفظة بهيبتها ووقارها تنتظر من يضمد جراحها