-->
روعة الإحساس روعة الإحساس
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

يوميات مراهق قروى



1
تحت جدار البيت  نصطف نحن الشباب وقد تفاوتت أعمارنا وتقاربت نشمر سواعدنا مبرزين معاصمنا المكبلة بساعات اليد المختلفة... تطل من شرفة الباب عند الغروب لتسأل عن الساعة، تسأل بغزل يخطف قلوبنا "يعني باقي كام على المغرب" يختلفون عن المتبقي  من جسد النهار، تنظر إليهم وهم يتناطحون كالصخر فتبتسم ثم تدخل البيت لتخرج بثوبها المخنوق على خصرها لا يكاد يصل إلى ركبتيها، تستر عريها ببنطلون هو امتداد للثوب الهائج ، يلاعب الهواء ثوبها فيتطاير  وكأنه ينتظرها عند خروجها.
تتمايل في ليونة وهي تحمل (إفطار) عمها المنتظر ولوجها عند الدكان، هناك يتناسل الشباب يختلقون الأحاديث ليبقوا معه ساعة الغروب ويرونها وهي تحمل طعامه وعند انصرافها يسيلون خلفها باقرين عيونهم التي لا تشبع..... جاء ني خميس كعادته يحكي لي عن البيوت التي دخلها والبنات التي رآها قال "لقد كلمتها وجرف قلبي بريق عينيها ، عيناها تلمعان فيهما شيء من نور وفيهما انصياع لتعاليم غريب.
في عيونها حلم نابع من مكان مجهول" كلمني كلام لم أفهمه ولولا علمي بأنها لم تذهب إلى المدرسة قط لشرعت في مجاراته الحديث . ، خفت أن أخبره بأني أنا أيضا تحدثت معها لعلها تلتقطني من التلال المتراكمة أمامها.....
2
خرجت من مدرستي وجسدي قد تبلد من الإرهاق، ينقر في رأسي صداع يستحوذ آلامه على عيني،وقفت انتظر عربة تقتلعني من مكاني إلى قريتي النائية، مرت بمخيلتي صورة الطريق التي سوف أسير فيها والعربة مسرعة مخلفة ورائها أشجار وبيوت تتراجع بسرعة العربة،يجلس السائق في الكابينة وأنا بجواره مطبق الفم وخلفي أناس يتكلمون وغالبا ما يكونون طلبة يثرثرون في الدراسة، والسائق يلاعب أصابعه في الكاسيت الملصوق في كابينة العربة يضع شريط عن المديح الأحرى أنه يكون الشيخ(يس) أو الشيخ (أمين الدشناوي) يشدو بمديحه عن آل البيت، يدندن السائق في خشوع مصطنع (مدد يا سادة.......مدد يا أشراف)غير قابع بما يدور في رأسي من نقر الصداع، يقف عند أول (نقطة) تقابله لينزلني وهو متيم مخمور يأخذ الأجرة في شبه غيبوبة، على رأس الطريق أجد الأطفال يزحفون، (حمادة) يقضي طول النهار مقرفص على حافة الترعة غير مبالي بحرارة الشمس ويداه ممدودة بصنارته لم أره اصطاد من قبل  آملا كل يوم أن تجود عليه ولو بسمكة صغيرة ، يستوضحني الصغير فيجري نحوي باسطا ذراعيه في الهواء مغمض العينين مندفعا  بين أحضاني، يصر على حمل كتبي المشدودة (باستك) يحميها من التبعثر تظهر منها أطراف المسطرة الخشبية التي سحبتها من أحد شبابيك القطار ترشيدا للإنفاق
3
قفزت على الرصيف وقد طال انتظاري وبلغ بي اليأس من وجود عربة توصلني وأنا أحس بالصداع يتسرب من مقدمة رأسي إلى مؤخرتها وتزداد الغشاوة على عيني....بين الحين والآخر تبرز رأس تجاهي من كابينة عربة.. زميلي الواقف بجواري يغازل ما يحلو له من النساء والطالبات (زغدني) بإصبعه ونبهني أن هناك ثمة شخص في العربة يعرفني ، قالها بأدب خشية أن تكون إحدى قريباتي.
ترجلت تجاه العربة، كانت هي كان يكسو وجهها وهج مريح بجوارها شاب في مقتبل العمر يرتدي (جلابية) لا أذكر لونها بالضبط، مدت يدها الصغيرة الناعمة تجاهي ونظري ما زال معلق بالجالس بجوارها، نظر إلي وأومأ برأسه، أصررت أن يكون الحوار مقتضب مراعاة له، لم تدعوني للركوب ، أخذت عدة خطوات للخلف مبتسما  لأفسح المجال للعربة كي تنطلق.....
4
جاءني خليل وقال لي أنه معجب بها وأنه يحس بميولها نحوه وعيونها لا تبارحه كلما مر من  أمامها وأنه قرر أن يصارحها قبل أن يرسل (أمه)، لم أشأ أن أسأله كيف رآها وهو أقصى ما يراه هي رموش عينيه، كيف وهو لا يميز بين أصابعه.
سلك (خميس)طريق البحر، رحلته المعتادة المتكررة، يشعر بالرضا في مخاطبة النساء والتحرش بهن وهن في طريقهن لملئ (قللهن)..... جاءني وطلب مني أن أكتب له خطاب يرسله لها في سفره، لم أسأله كيف سيقرأ ما ترسله له وكيف ستقرأ خطاباته وهي لا تعرف القراءة، كتبت له الخطاب متعمدا تعجيز خطي و(تعويجه)....
5
اصطففنا تحت الجدار كالعادة... انتظرنا طويلا لكنها لم تخرج.... انتاب صديقي خميس ضيق جعله لا يطيق الجلوس.....تململ خليل وأخذت كعوبه الحارة ذهابا وإيابا
هبت على الحارة عربة بدا التآكل والصدى عليها وهي تزأر، مكشوفة من الخلف، مفتحة الأبواب والنوافذ لتطل منها رؤوس الركاب في فضول، خرجت من باب العربة في رشاقة ولكن وجهها القاتم وعيونها المحمرتين توحي بحدوث شيء، تبعها الرجل  الذي رأيته  معها من قبل ، دخلا البيت ، لم تغب كثيرا ....خرجت وبين ذراعيها لفافة تحتضنها، خرج الرجل في ذيلها يحمل حقيبة سمراء ألقى الحقيبة في صندوق العربة ثم دفعها أمامه في ضجر مسحتنا بعينيها الممطرتين وركبت العربة ،ركب بجوارها.
خرج عمها خلفها وبصق عليها، تبعته أمه محمرة الوجه بارزة العينين انحنت على الأرض وقبضت على حفنة من تراب ودفعتها خلف العربة وهي تولول ،... احتضن أمه ودخلا البيت.... اندفعت العربة   وقد تقيأت دفعة دخان مخلفة سحب سودا غطت  تضاريس الحارة...
                                                     6
ابتلعت حوافر الجبال قرص الشمس المتهالك فانسدلت سحب الظلام نظرنا إلى المئذنة هام صوت المؤذن في السماء فارتددنا للخلف قاصدين بيوتنا موصدين الأبواب لنفطر بعد صيام يوم شديد الحرارة والعناء.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

إبـــــــــــــــــــــــــداع

إبـــــــــــــــــــــــــداع
إضغط على الصورة لمتابعة الموضوعات

أغانــــــــــــى

أغانــــــــــــى
إضغط على الصورة وتابع

فيديوا وأفلام

فيديوا وأفلام
إضغط على الصورة وتابع

مقــــــــــــــالات

مقــــــــــــــالات
إضغط على الصورة وتابع

إســــــــــــلاميــــــات

إســــــــــــلاميــــــات
إضغط على الصورة وتابع

مـــــــــــدارات (ســـــــارق الأحلام)

مـــــــــــدارات (ســـــــارق الأحلام)
إضغط على الصورة وتابع

إسلاميات ومشاهير الصحابة

إسلاميات ومشاهير الصحابة
إضغط على الصورة وتابع

الأدب والشعر والقصة

الأدب والشعر والقصة
إضغط على الصورة وتابع

الأدب والشعر والقصة

الأدب والشعر والقصة
إضغط على الصورة وتابع

ألبوم صور

ألبوم صور
إضغط على الصورة وحمل

ما نشر فى الصحف

ما نشر فى الصحف
إضغط على الصورة وحمل

جميع الحقوق محفوظة

روعة الإحساس

2018


تطوير

ahmed shapaan