( الصيد الثمين ) شهداء سيناء ... قتلهم من جاء بهم

حينما أُخبر معاوية ( رضي الله عنه ) بمقتل ( عمار بن ياسر رضي الله عنه ) قال مقولته الشهرة ( قتله من جاء به )  وهذا ما حدث لأبنائنا الشهداء في سينا ء إن تفريغ سيناء من القوات المسلحة وإهمالها وترك جيوبها دون رقيب جعلها فاتحة لشهية من حولنا وأوكار لخلايا الظلام ومرتعا للجواسيس ومركزا للتخطيط والتدبير وفقد انتماء أهلها للوطن الأم مصر  لا يوجد منطق في العالم يقول أن تُحرم دولة من ممارسة شرعيتها على أراضيها  أو أن تتحرك فيها بحساب أو أن تُفرغ أراضيها أمنيا أو أن تهمل وتترك مشاعا دون رقيب لمن يهوى تجرع  دماء أبنائها  لذا وجب علينا حصد مرارة  هذا الجزء من الوطن الموجوع وساعتها لا نملك لشهدائنا إلا الحداد والسواد والحزن أو اللطم والبكاء والنواح على خيرة شباب مصر وخير جند الله ثم جنازة عسكرية مهيبة  و تكريمهم كشهداء يليه حقن شعبي وسخط على هذا المجهول الذي يعبث بأرواح  المصرين الرخيصة هذا كل ما نملكه يا ساده وسرعان ما يتلاشى الحدث فتتولد منه أحداث مشابهة وتتصارع الفضائيات في استضافة النخب والمفكرين والسياسيين لحصد أكبر سبق يتولد عنه سيل من الأموال تضُخ للقناة من وراء الإعلانات  وتتزايد مبيعات الصحف  وأنت تتابع تلك الفضائيات لا تجد رأى يرشدك للثواب ولكن تتزايد غربتك في وطنك وتتوه بين أحداث لا تعرف دوافعها أو مرتكبيها فأنت في وطن مجهول وكل أحداثه غامضة أو لا يحق لك معرفتها وتدرك أنك سلعة يتم تخزينها ليوم يحتاجونك فيه فيحشدوك ويدفعوك إلى ما يريدون وتتصارع الأحزاب والتكتلات في حشد عشاقها أو عُبادها المقربين لتأخذ من الحدث ما يزيد من رصيدها في الشارع وهى تجارة مشروعة سياسيا وقانونيا وإن كان على حساب سمعة الوطن واستقراره  يتم ذلك بالتلميح أو الغمز واللمز عن المعارضين لها وهذه هي مأساتنا الحقيقية وهى انه لا توجد إرادة حقيقية للنهوض بهذا البلد ولا توجد عزيمة صادقة للتخلي عن الأطماع من اجل مستقبلها ويبقى السؤال من بيده خيوط اللعبة التي يحرك بها الأحداث  إن من استشهدوا هم أبناءنا وهم ليسوا بحاجة لحداد بل أفراح لأنهم شهداء لقوا ربهم في شهر المغفرة والرحمة  شهر رمضان وقد لحقوا بإخوانهم الذين عبروا سيناء لتحريرها  في مثل هذا الشهر ليخبروهم عما حدث لسيناء بعد تحريرها بل يخبروهم عما يحدث فى الوطن كله وربما هم الوحيدون الذين يستطيعوا معرفة ما يحدث فيها   ولكن كل ما يريدوه هو أن يسألوا ( بأي ذنب قتلت ) تلك النفس الذكية الطاهرة وما نريد أن نسأله نحن ما تفسير أن تهاجم وحدة عسكرية وان كانت في منطقة نائية ثم تصفى عن بكرة أبيها ثم يتم الاستيلاء على معداتها ومركباتها  ويترجل القاتلون حتى يبلغوا معبر كرم أبو سالم دون اعتراض من أحد  أو وجود أحد يتقاطع معهم وما تفسير قصف معبر كفر أبوا سالم بالهاون من داخل الحدود الفلسطينية هل هو تمويه أم تضليل أم غطاء هروب  وما تفسير أن المركبة يتم قصفها جوا بعد عبور ما يقرب من مائة متر داخل الحدود الإسرائيلية  حتى يتفحم من فيها وتختفي كل معالم الجريمة وكان من السهل على القوات الإسرائيلية محاصرتها واسر طاقمها وما تفسير أن تحذر إسرائيل رعاياها بضرورة مغادرة سيناء لأن هناك خطر حقيقي على حياتهم ثم يلي ذلك مذبحة وحدة حرس الحدود المصرية  وأين نحن حينما يحذرنا الآخر من خطر داهم وقادم داخل أراضينا ولماذا لم تتخذ التدابير اللازمة لمنعة  وهل يعقل أن تتوجه مركبة  يمتطيها  خمسة أو ثمانية أشخاص إلى معبر كفر أبو سالم للقيام بعمل إرهابي آخر أم أن هناك وعدا باللجوء للمعبر بعد تنفيذ المهمة أو توفير ملاذ آمن  والمرور بأمان خارج الأراضي المصرية  أم تدبير لتدمير المركبة وإخفاء ما نسج بليل  نعم نقر أن هناك عمل إرهابي وان هناك مجموعات إرهابية تريد الضرر لمصر شأنها شأن دول العالم كله ولكن المعيار الحقيقي ماذا اعددنا نحن لمواجهة هؤلاء إن الطرف الثالث الذي أوردنا المهالك وسفك ما سفك من دماء المصريين أثناء ثورة 25 يناير يبدوا انه لم يرتوي جوفه بعد ولم تمتلئ بطنه بدماء المصريين فذهب يرتوي بدماء أبناءها من على الحدود إننا بحاجة للوقوف مع النفس ومحاسبة أنفسنا أولا ثم يليه محاسبة المقصرين في هذا الحادث الأليم  وان البكاء كالغناء حينما تكون المناسبات غامضة وغير واضحة إن زج غزة في الأحداث أو أي تيار إسلامي هو المراد من تنفيذا هذه المذبحة وإن كان منفذوه منتسبين للتيار الإسلامي  فالغرض منه هو  أن نتصارع ونتآكل لتحقيق أهداف يريدها كثيرون من حولنا  إن هذا الشعب الذي مل وكل من الغموض  للأحداث التي تدور من حوله آن له أن يفهم ويتفاعل معها وهو مستوعبها ومدركها ويجب أن تكون سيناء مصرية غير منقوصة السيادة وان زمن التنازلات قد ولى مع خلع النظام الذي وضع رؤؤس المصريين منحنية  وان كان هناك ذيول له تخدمه وتخدم أسياده حان لها أن ترحل وتذهب حيث ذهب إن قواتنا المسلحة هي كل ما تبقى لنا من كرامة المصريين ولا يجب تلويثها أو التقليل من شأنها  وان الدوائر التي تدور من حولنا والتي جعلتنا كالأنعام  لا يفهم بعضنا بعض ونتعارك ونتنافر لخدمة أجنداتنا الخاصة يجب ألا تمتد تلك الأحداث لمؤسستنا العسكرية لأنها آخر محطات الكرامة المصرية إن ما حدث في سيناء عالي التقنية والتدبير وان من قاموا بهذا الفعل الشنيع ليسوا هواة بل مدربين على أعلى مستوى وأن هناك تنسيق مخابراتي أشرف على التنفيذ  إنه الاختراق الآمن لصناعة الكوارث بأيدي أبناءنا وهذا توضحه حجم الخسائر  التي حدثت وكفاءة التخطيط في التنفيذ  وتوقيت التنفيذ وإخفاء الأدلة  ترى هل شاخت عقولنا عن التفكير والتتبع لكشف الجناة أم أن عدم الكشف عنهم هو من متطلبات الأمن القومي  إني أطالب بعض النخب التي اسودت وجوهها من النفاق والرياء وأطالب بعض الأحزاب التي بهتت من التصارع والخلاف أن تسموا فوق ذاتها وتلتحق بركب الوطن لأننا فعلا في خطر