عذرا أيها النخب حرروا أنفسكم ونحن في انتظاركم
عرش مصر هو الصراع الحقيقي للنخب وهو
حلم يراود كل حالم وطامح وقد اختزلها عمرو
بن العاص في مقولته الشهيرة إن ولاية مصر تساوى الخلافة الإسلامية ومنذ لك التاريخ حكم مصر الفرنجة والعرب والمصريين وكل حاول أن يجد
لنفسه سطر في تاريخ هذه البلد العجيبة بشعبها ودائما في أدبيات التاريخ المصري أن
رئيس أو زعيم الحدث هو من يلتف حوله التاريخ كله رغم إخفاقاته وانجازاته فهو رئيس
المرحلة وزعيم النقلة ومؤسس النهضة وبعد ستون
عاما من الحكم الأوحد والرمز تأتى ثورة 25 يناير بمفاجئات لم تكن في الحسبان ومخاطر
ومغامرات من أصحاب المصالح والنفوذ لتتراجع مصلحة الوطن في ذيل اهتمامات هؤلاء
المسخ ونكتشف أن ستون عاما أفرزت في معاملها عاهات فكرية في رموز كنا
نظنها هي طوق النجاة لهذا الوطن ولكن لأننا فقدنا على مدار سنين معنى هذه الكلمة واستبدلناها
للمعنى المقابل لها وهى ( الأنا) وحب الذات ظهر الوجه القبيح وظهرت فاجعة التغريب
عن الوطن ونكتشف أننا في الوقت الذي تقدم العالم بثورته الصناعية وبلغت المنافسات
بينها إلى ذروتها نكتشف أننا كنا أيضا متقدمين في صناعة عقول ونخب وكوادر معاقة
ذهنيا وأخلاقيا إن معمل القهر الذي صمم
خصيصا ليعلمنا كيف ننحني ونسجد ونكبر للنظام
ترك فينا أثرا من الصعب علاجه فعلينا لكي نفهم ما يدور حولنا أن نتقرفص أمام الفضائيات نسمع ونصدق وليس لنا حاجة في تحليل ما يقال فالمحلل
موجود والمفسر موجود والمقنع موجود فما عليك إلا أن تسمع وتصدق لآلة إعلامية ضللت
وتوهت وعمت عقول بكر ناضجة بفعل ايدولوجيا الضيوف والذين يطرحون طرحهم دون مراعاة
للخطوط الحمراء لأمن الوطن وسلامته وهم يتناوبون التجريح والتشكيك والمخاطرة بجسد مصر وعرضها ونكتشف أيضا نحن
المسيرين لا المخيرين أننا أُصبنا بهذا الفيروس الذي توهنا معه ونكتشف أن القضية
لم تكن أيضا قضية وطن بل هي قضية مواطن شره بالسلطة ومجنون بالحكم ولبلوغ ذلك عليه الدفع بكل التهم والأكاذيب
بل وربما بالحقائق التي لا يجب سردها
لخطورتها على سمعة الوطن وإنما تصيبك بالإحباط
ولا تقدم لك شئ ولكن المغزى هو زحزحة الخصوم ومن المحزن انك لا تجد وطني يحزم أمره
ويتعالى عن أنانيته وحبه لنفسه وتأجيل طموحاته حتى يعبر الوطن مراحله المميتة فتظل
قناعاتك كمتابع ان كل من جاء من الخلف ليلتحق بالثورة فهو ملوث وقلق على قذارة يديه
ويجب عليه تعطيل كل المآرب والسبل التي قد تجبره على مد يديه وفرد أصابعه أمام
معلمه أو جلاده ليكتشف مدى قذارتها وان كل
من اصطدم بالثورة من الأمام هو حالم من عشرات السنين بشهوة الحكم وإغراء السلطة
وان المصلحة العليا للوطن هى في مجمل اهتماماته وليس من أهمها فمصلحة الوطن مرتبطة
بقدر ما يعطيه له هذا الوطن من صلاحيات وليس لديه أي نية للتضحية دون مقابل وتفاجئ
بمن انتظرتهم لينقذوك هم من أغرقوك فصراع الإرادات
في أعلى حيث لا نرى تفاصيلها ينعكس علينا كصراع الحياة والموت في جميع الأزمات التي
مرت بها مصر خلال فترة ثورتها والتي يبدوا أنها لن تنتهي ومن ادعى الكمال في إدارته
في مؤسسات الدولة فهو منافق أو كاذب أو مخادع الكل موالين ومعارضين كانوا رهينة
عند النظام السابق وتفاوت تعامل النظام معهم من قهر إلى مداعبة إلى إرضاء إلى
تخويف نظام افلح في قراءة مكنونات عقول هؤلاء فتعامل مع كل واحد منهم بقدر اندفاعه
وطموحه وشعاراته فجعل كل واحد رهينة
بأحلامه والتي على استعداد إلى أن تفنى كل شئ إن استلزم هذا الفناء تحقيق ما يحلم
به ونكتشف بعد معاناة أن هؤلاء هم الذين ليسوا مؤهلين للديمقراطية في الوقت الذي ابدي
فيه الشعب قمة تأهله لها في خروجه لصناديق الاقتراع وان تم العبث بإرادته ولكنه
اثبت انه جاهز للتعامل معها إن ما يدور في أعلى السقف بين جدران غرفة الطموحات
الحزبية وهذا التناحر والتشكيك هو أمر يكرس للأنا التي تربى عليها هؤلاء والتي
وجدوا لها آليتها التي حولت البعض إلى
رهينة تلك الطموحات والأفكار وان الشعب الذي كان يرهبه عسكري المرور الواقف
بالشارع هو الآن تحول إلى قطيع يلهث وراء أفكار مبرمجة دون أن يفهما فهو رهينة ما
حقن به من أفكار والرؤى بعين واحده إن النظام في ظل معتركه وتكريس حكمه وجلب
مريديه وإذلال معارضيه ترك للشعب آلة مارست عليه القهر والذل والعبودية وجعلته
حبيس خوفه إلا من يجيد الرقص والتمايل والسجود للنظام هذه الآلة وهى الشرطة وهو أول
من وجدها الشعب في مواجهته ليهاجمها ويقتص منها
وهذه الآلة هي الآن عاجزة عن التعامل مع الشعب بفضل ما ورثته من سمعة في ظل
النظام السابق كما ترك النظام منظومة تحكمت في أرزاق العباد وإشغالهم ولم يمرق من
ثقب تلك المنظومة والاختراق إلى نعيم النظام إلا من كان أيضا من يجيد الرقص
والغناء ومن هؤلاء من شغلوا المناصب أو أقنعونا بأنهم ثوريون وطنيون ولكنهم كان
متواطئون ومتفاعلون مع النظام ولا نغالي إن قلنا أن القضاء كان رهينة وجميع
المؤسسات كانت رهينة والمعارضة كانت رهينة
وقد طال بعض منهم وباء الذل والانحناء للنظام انه مرض قد تفشى بما شمله من رشوة
ومحسوبية وتنازلات لم ينجوا منها احد إلا ما رحم ربى وهم قليلون
........ فعفوا لا تثوروا على من انتقدكم أو اتهمكم أو شكك في وطنيتكم أصلحوا أنفسكم
وحرروها من أمراض وعقد توغلت في عقولكم
حتى حولتكم رهائن إما بولائكم للنظام السابق أو رهائن لطموحاتكم ومصالحكم
ومطامعكم فإن تغيرتم فنحن قطعا في
انتظاركم