قنا ... فساد ممنهج ...
وأموال مهدرة ... وقانون غائب
محافظة
قنا شعب طيب في غربته شرس فى وطنه الصراع القبلي يتمدد على طول المحافظة وعرضها أحباب
في الغربة أو في رفقة سفر مهاجرون دوما من أوطانهم بحثا عن لقمة العيش أو طلبا
للأمان أو هروبا من ثأر أو دم معلق في رقبته لا ذنب له فيه .... هي محافظة إذا
يقتلها الفقر والتخلف والمرض مهجورة من أهلها استسلم النخب فيها لقهر العادات
والتقاليد المميتة لا ترى فيها بارقة أمل للحقوق والواجبات لا تسمع عنها عبر الصحف
والفضائيات محافظة تكميلية هي رقم ملحق بعدد
محافظات الجمهورية حتى في النشرات الجوية وأحوال الطقس كانت تستبدل بالأقصر رغم أن
الأقصر في حينها كان مركزا من مراكزها
تتمدد بمساحاتها العريضة المليئة بالثروات المهملة فالعصبية قتلت كل بارقة أمل
للتنمية والتطور تشاهدها على الخريطة منحنية ومعوجة من قسوة أهلها وانحراف
تضاريسها القاسية أول لوحة يمكنك أن ترى فيها المحافظة بثوبها الخارجي الجديد
والبراق رغم ما يخفيه هذا الثوب من جروح غائرة ومآسي قاهرة كان في عام 2002 حينما
تسلم عادل لبيب محافظا لقنا فقام بغسل وجهها بالأشجار والزينة والنوادي والانضباط
وظلت المشاكل الأساسية مستعصية عن الحل مثل البطالة والصراعات القبلية والفساد المالي والإداري الذي تعول في معظم المصالح
والهيئات العامة والخاصة هذا الفساد المقنن والذي يصعب تجريمه قانونا حول كل محاولة للتنمية
إلى فشل وأموال مهدرة وزاد من هذا الفساد المالي والإداري هو ترهل الجهات الرقابة
وتراخيها خاضعة في رقابتها وتفتيشها إلى الاعتبارات العائلية والقبلية حتى صارت كل
التجاوزات بلا حساب والخروقات بلا عقاب فأنت في قنا لكل واحد منا في كل مؤسسة رقابية ابن عم أو ابن خال أو أخ أو
قريب يمنع عنك يد القانون ويرتب لك الأمور حتى تصبح المخالفة شريعة يجب العمل بها
دون عقاب وأنت تتجول في هذه المحافظة تلمح الحزن والتو هان على وجوه الصغار
والكبار تلمس اللامبالاة والتهاون في المطالبة بالحقوق لأنها لن تأتى إلا
بالعلاقات والمحسوبية وأنت تتجول تلمح التنمية المعاقة والمشلولة وترى المشاريع
العملاقة شاهدة على فشل إداري لا يمكن إخفاءه فالمدن السكنية التي أقامتها
المحافظة تم الحصول عليها لمستحقيها وغير مستحقيها ثم تم بيعها واستثمارها ثم تسقيعها وبيعها مرة أخرى
بأسعار تتجاوز أضعاف ما اشتريت به وتم هجر
الشقق وغلقها لحين ارتفاع الأسعار وبيعها مرة أخرى فتحولت تلك المشروعات العملاقة إلى
مدن أشباح لا يسكنها مستحقيها ولكنها مغلقة تمارس فيها الدعارة والمخدرات الخارجين عن القانون وتتجول في ربوعها نساء الليل لا تكاد تجد ساكنا أصليا
ممن حصلوا على هذه الشقق وتجد أنها بيعت
مرات ومرات لدرجة انك ربما تعجز عن الوصول للمستفيد الأصلي منها وربما تجد شخصا
واحدا يملك أكثر من شقة يختزلها لبيعها مرة أخرى وهذا ينطبق أيضا على المشاريع
التجارية والمحلات المدعمة التي طرحتها المحافظة على الشباب فمعظمها مغلق أو تم
بيعه أو تأجيره من الباطن وان هناك شخص يملك أكثر من محل باسمه وأسماء أقربائه أو
جيرانه وهذا هو الإهدار الحقيقي للمال
العام وقتل للتنمية الحقيقية في المحافظة وتحويلها إلى مجموعة قرى لاتسمن ولا تغنى
من جوع وان حالفك الحظ ومررت على المستشفيات
ربما لا تجد من يسعفك أو أن هناك نقص في العلاج وغالبية المتخصصين متواجدين
في عياداتهم الخاصة فلا يتعامل معك إلا الممارس العام وان كانت حالتك خطيرة يتم نقلك إلى أسيوط هذا إن
حالفك الحظ وكان في العمر بقية وعشت حتى تصل وتجد من يسعفك هذا فيما يسمى بالبندر أو
المركز الذي تحويه المحافظة أما إن جن عقلك وقررت المرور على تلك المصالح في القرى
والنجوع فهي مغلقة بأمر صاحب الأمر وما عليك إلا أن تتأمل المباني الجميلة
والمكلفة وباهظة التكلفة ولكنها خاوية على عروشها فمراكز الشباب متوقفة الأنشطة وملاعبها يرعى فيها الأغنام والماعز وتربط فيها
الحمير والمستشفيات مغلقة والعاملون في أعمالهم الأخرى فلا تجد من يعطيك حقنة ربما
تكون هي اللحظة الفارقة في حياتك تسكنها
القطط والكلاب والعصافير أما قصور الثقافة القروية فهي ثقافة تنتظر روادها مكتبات
معبأة بكتب ثمينة وغالية والعاب قيمة تنمى الذكاء ولكن القصور أيضا خالية من
موظفيها هذه هي السلبيات القاتلة التي هوت بالمحافظة إلى قاع التخلف والمرض والفقر
ولكي ينتظم العمل في تلك المؤسسات على المحافظ أو ما ينيبه أن يقوم بزيارة فجائية
لتلك المناطق فلا يجد احد هذا إن لم يتم تبليغ المؤسسة بتلك الزيارة فتتزين وتنتظم
حتى تنتهي الزيارة هذا هو الحال يا سادة فقد تم قهر القانون وأسره وتطويعه
لرغباتنا حتى صار الإهمال والتسيب عقيدة اعتنقتاها وآمنا بها فهي ديننا الرسمي وان
بادرت بالشكوى أو الاحتجاج يعزلك الناس وتلام لأنك فكرت في قطع أرزاق موظف ظروفه
الصعبة أجبرته أن يسعى تاركا عمله الأصلي ليسترزق من مصادر أخرى رغم انه بإهماله
قد يقتل عشرات الأشخاص كل يوم إحباطا وتزمرا وقهرا على الأوضاع المتردية وسرعان ما
تنشط المحسوبية والعلاقات والتليفونات لسحب الشكوى حتى دون علم الشاكي حتى لا يضار
الموظف المهمل أو المؤسسة المهملة ويصبح الشاكي
المظلوم الغيور على وطنه منبوذا جراء تصرفه هذا هو المسموح به كتابته لأنه شاهد
عيان على ما أقول ويمكن لمسه ومشاهدته بالعين المجردة أما عن الفساد المالي والإداري الذي يعج ببعض المصالح والمؤسسات فحدث ولا حرج وتحت
مرآي ومسمع من الجهات الرقابية لذا يجب إعادة النظر في تصرفاتنا وتغير ثقافتنا
الخجولة والميتة تجاه كل السلبيات وضرورة إعادة النظر في الرقابة الذاتية على
تصرفاتنا وتفعيل قانون المراقبة الداخلية وعدم السكوت عن هذا الحال اليائس والبائس
ودرء كل الاعتبارات العائلية والقبلية التي تمنعنا من معاقبة المخالف ويجب على الجهات الرقابية أن تقوم بدورها
بمصداقية وفاعلية وجدية وحياد وألا تكون الرقابة دورية وروتينية وتأمين صلاحيات
ويجب على المسئولين إعادة النظر في كل المشاريع المطروحة والتي طرحت والتي سوف
تطرح مستقبلا في كفاءة تشغيلها والانتفاع منها وتسخيرها لما أنشأت من اجله حتى
تتحول مدننا السكنية إلى اعتمار حقيقي جاذب حالا لمشاكل من يعانى أزمة سكن وتتحول
مشاريعنا التجارية إلى نهضة حقيقية ترتقي بذوق وثقافة المواطن إننا بحاجة إلى تحرير القانون من آسره وتنظيفه
من ترزية التوافق والتماشي مع الظروف وان كان على حساب القانون إننا بحاجة إلى إعادة
النظر في الأراضي والمباني التي تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق وان تم ترتيب أوراقها
قانونيا لذا يجب الصدق مع أنفسنا والنهوض
بمحافظة مهملة تصرخ تحت وطأة الفقر والعصبية والخوف